يأتي ميلادك، يا سيدي، وكلنا رجاء بسلامك. ننتظرك بالحب والآمال والمشاعر الصادقة. انتظارنا لك هذا العام ليس كالأعوام السابقة؛ فرغم أن مغارتك يسودها الاضطراب، تطل علينا شمس عدلك لتذكّرنا بإنسانيتنا ومصيرنا، فنعكس شعاعها حبًا ودفئًا وكرامة.
ننتظر مولدك على عجل، علّه يحوّل حزننا فرحًا، وتعاستنا سعادة، وعنفنا رفقًا.
ننحدر في البؤس والتشاؤم والإحباط، فيأتي ميلادك دعوة مفتوحة إلى مرحلة جديدة مليئة بالأمل والتفاؤل والرجاء، مع كل نجمة تتلألأ في السماء.
نعيش الضجر والاكتئاب والكوابيس، فيأتي ميلادك حاملًا الارتياح والأحلام والذكريات. تتساقط الثلوج، وتزداد الأضواء، وتتزايد طيب الأمنيات.
تمر علينا الأيام والشهور بعبارات بلا حرارة، ومشاعر بلا صدق. نسلك دروبًا بتلاوين قاتمة لا روح فيها ولا حياة. ثم يطل ميلادك، استفقادًا ورحمة، ليذكّرنا أن الحياة تستحق العيش والنضال، لأن القيامة أقوى من الموت، وأقوى من الخمول والتخاذل والكسل.
يأتي ميلادك، سيدي، فعل رجاء، وواحة فرح، ومساحة حب. نأتي إليك كما المجوس والرعاة، كبار القوم وأصغرهم، بتواضع وانسحاق، لا بكبرياء وافتخار.
نأتي إلى مَن تنازل لأجل خلاصنا. جئتَ لنا بسلام السماء لتنزع عن أرضنا الحزن والاكتئاب. جئتَ بفرح عظيم لتحلّنا من الغمِّ الثقيل. ميلادك، سيدي، يوقظ فينا السعادة، ويمنحنا دروسًا في العطاء.
تمر السنين، ويبقى عيدك الشيء الثابت الوحيد في حياتي وحياة كل مؤمن أرادك سيدًا على حياته.
ميلادك يا يسوع، يُذكّرنا أن العالم، رغم ظلامه، يظل ممتلئًا بنجوم الرجاء. هو عيد الفرح الحقيقي، عيد المصالحة والغفران، حيث نُضيء أشجارنا لا احتفالًا بالزينة، بل شهادةً على النور الذي أشرق في العالم.
فلنفرح، ولنُسبّح كما سبّحت أجواق الملائكة قائلة:
"الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَفِي النَّاسِ الْمَسَرَّةُ" (لوقا 2:14).
هذا هو ميلادك يا سيد الحياة، فليكن نورك دليلنا، ورجاؤك قوتنا، وسلامك عكاز أرواحنا إلى الأبد.